السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
حياكم الله جميعًا مشتركي نشرة علوم الحاسوب من حوسبة. نأمل أن تجدوا في هذه النشرة سلوةً لما تفتقدونه من نقاشاتٍ متعلقة بمواضيع علوم الحاسوب وكافّة تخصصاتها في الويب العربي.
إليكم محتوى هذا العدد.
نقاشات
1. تأميم وتوطين شبكة الإنترنت
هناك نقاش كبير وهام يحصل أجنبيًا ويغيب عن أي ذكر تقريبًا في العالم العربي؛ ألا وهو موضوع حظر استخدام خدمات الشركات الأمريكية على أي موقع يعالج بيانات أي مستخدم من الاتحاد الأوروبي. أعلنت السلطات القضائية الفرنسية مثلًا أن استخدام Google Analytics غير قانوني على مواقع الويب التي تعالج أي بيانات تابعة للفرنسيين، ومن قبله فعلت النمسا نفس الأمر.
الشركات الأمريكية خطر على بيانات المستخدمين بالنسبة للمشرّعين في الاتحاد الأوروبي، ذلك أن الشركات الأمريكية مطالبة وفقًا للقانون الأمريكي بتسليم أي بيانات حساسة تريدها الدولة وفروعها إن طلبوا ذلك، ولكن وفقًا للأوروبيين فهذا يتعارض مع قانون GDPR لأنه تمكينٌ للجهات الأمريكية من الوصول إلى بيانات المستخدمين الأوروبيين.
ويبدو أن الحل بالنسبة للأوربيين لتقليم أظافر هذه القوّة الأمريكية هو ببساطة حظرها. سنسمع قريبًا في الأخبار عن منع خدمات شركات مثل مايكروسوفت وفيسبوك وتويتر وغيرها في أوروبا؛ ونحن نسمع عن تهديدات من فيسبوك بفعل ذلك بالفعل. ويبدو أن المشرّعين يأملون أنه ستظهر بدائل محليّة تنافس هذه الشركات، لكن هذا سلاح ذو حدين وقد يضرّهم أكثر مما ينفعهم بغض النظر عن المتسبب بالمشكلة.
ذلك أنه من الصعب جدًا - بل لربما المستحيل - أن تظهر بدائل محلية بنفس الجودة والقوة والسعر لخدمات البنية التحتية مثل Cloudflare وMicrosoft Azure وAWS، هذا فضلًا عن أدوات التسويق الإلكتروني مثل إعلانات فيسبوك وAdwords، وغيرها من البرمجيات (مستندات جوجل، يوتيوب، جيميل... إلخ)، وهي التي تعتمد عليها أي شركة في العالم. ستخسر الشركات الأوروبية الصغيرة والمتوسطة الوصول الكبير إلى هذه الخدمات، وسيكون عليها أن تنتظر سنوات لتخرج بدائل محليّة وقد لا تخرج أصلًا. وهو ما قد يكون له تأثير دومينو على الاقتصادات الأوروبية ويقلّص من نموها ويؤدي لتسريح ملايين الموظفين.
وليس هذا متخصصًا بالشركات الأمريكية فحسب؛ بل يكاد يكون من الممنوع إرسال أي طلب (HTTP Request) إلى أي موقع يعالج بيانات المستخدمين الأوروبيين ويكون تابعًا لشركة خاضعة لمثل هذه القوانين. أي أنه حتى إن استضفت خادومك في أوروبا فهذا لا يكفي، لأنك أنت لست مقيمًا في أوروبا بل في دولة أخرى وبالتالي قد تجبرك هذه الدولة الأخرى على تسليم البيانات ولهذا هو أمرٌ ممنوع. ما يريده الأوروبيون هو ألا يكون هناك إمكانية البتة لحصول هذا.
المضحك بالموضوع أن موقع قانون GDPR الأوروبي نفسه يستعمل خدمة Google Fonts، وهي التي كان القانون قد قضى بأنها ممنوعة في ألمانيا (وبالتالي تدريجيًا في دول الاتحاد الأوروبي) لأنها تمكّن جوجل من تعقب المستخدمين على امتداد مواقع الويب التي يزورونها.
كما قلنا، هذه اللعبة سيف ذو حدّين، قد تفشل أوروبا فشلًا ذريعًا إن لم تظهر هذه البدائل الأوروبية بنفس القوة والجودة والسعر، وقد تنجح وتستفيد إن ظهرت. لكن ما يعنيه هذا عمومًا لك كصانع ويب عربي:
أسهم الكثير من الشركات الأمريكية قد تنخفض في المستقبل، لأنها إما أن تخرج من السوق الأوروبي وتخسر المليارات، أو تشطر نفسها إلى شركات متعددة في كل سوق (لا يكفي حتى وفق القانون أن تكون هذه الشركات فرعية، بل عليها أن تكون منفصلة تمامًا عن الشركة الأم!).
البرمجيات مفتوحة المصدر ستزدهر، ذلك أنها تسمح بالاستضافة الذاتية وبالتالي سترى هذه البرمجيات في أماكن أكثر في المستقبل.
سيكون استثمارًا جيدًا أن تعمل على تأسيس شركة استشارات برمجية في أوروبا للمساهمة في عملية التوطين والتأميم هذه، لأنها حتمية وتسير على قدمٍ وساق.
ستظهر الكثير من الشركات التقنية وشركات البرمجيات "الوطنية"؛ أي التي لا تقدم سوى حلولًا محلية سواءٌ في أوروبا أو في دول العالم الأخرى التي قد تقوم بنفس هذا الإجراء.
سنتابع الموضوع ونرى ما سيحصل.
2. سوق العمل التقني
تحدثنا في أعدادٍ سابقة من نشرة حوسبة عن موضوع التوظيف، وكيف أن الناس صارت تستقيل بكثرة للبحث عن فرص عمل أفضل، ولا ترضى بأجور متدنية أو بيئة عمل سيئة. نتابع مجتمعات مثل /r/WorkReform وكيف أن مئات الآلاف من الناس يشاركون فيها.
الجديد اليوم هو أن الشركات التقنية الكبرى بدأت بالاستجابة لهذه التغيرات؛ فقد ضاعفت شركة أمازون الحد الأقصى للراتب الأساسي للموظفين الجدد لديها إلى 350 ألف دولار في السنة، وهو ما يعني أن أي موظف يعمل لسنة أو سنتين أو أكثر هناك سيتقاضى أكثر من ذلك في الواقع.
جلب المواهب مهم جدًا للشركات التقنية، لأن الموظفين بمجرد أن يكتسبوا خبرة سنة أو سنتين فسيطالبون بزيادة رواتب أو يختارون المغادرة، خصوصًا مع معدلات التضخم المرتفعة حول العالم. يظن بعض الناس أن زيادة مثل 7% للرواتب في أمريكا هي زيادة كريمة، لكن هذا خاطئ جدًا، لأن معدل التضخم في أمريكا هو 7.5% ولهذا فإن هذه الزيادة تعني أن الشركة قلّصت راتبك في الواقع ولم تزده. على الشركات أن تزيد رواتب الموظفين فوق معدل التضخم وإلا فإن هذه لا تعتبر زيادة البتة.
وهذا الأمر له تأثير على النقاش السابق الذي خضناه حول توطين الإنترنت؛ لماذا سيبقى مطور البرمجيات الأوروبي في أوروبا إن كان يحصل على 5 أو 6 أضعاف الراتب في أمريكا؟ دول مثل إسبانيا أو إيطاليا أو فرنسا أو بولندا وغيرها لن تكون قادرة على مجاراة هذه الرواتب، وبالتالي المواهب والخبرات ستهاجر إلى أمريكا وسيكون هناك صعوبة في الحفاظ عليها في أوروبا.
أخبار
زادت جوجل على ما يبدو عدد الإعلانات في نتائج البحث الخاصّة بها على بعض الكلمات المفتاحية. صارت الإعلانات تغطي كل الشاشة أمامك أثناء البحث. سيريحك استخدام أي إضافة منع إعلانات مثل uBlock Origin من رؤية مثل هذه النتائج.
أعلنت الحكومة الروسية عن نيتها تقنين استخدام العملات الرقمية وبالتحديد بتكوين، بدلًا من منعها كما كان في السابق في البلاد. يبدو أن روسيا تتجه إلى حربٍ مع أوكرانيا وتريد استخدام العملات الرقمية كوسيلةٍ لتفادي آثار بعض العقوبات الاقتصادية.
مكّنت شركة آبل أصحاب المتاجر والأعمال من قبول الأموال عبر هواتف الآيفون عبر عمليات الدفع اللاتلامسيّة (Contactless Payments). فقط يضع صاحب المتجر هاتفه قريبًا من هاتف المشتري وتتم عملية الدفع والشراء. كل هذا بالشراكة مع شركة Stripe.
فشل تويتر في تحقيق أهداف المستثمرين المرجوّة من عائدات أرباح الإعلانات ونمو المستخدمين، وهو ما يعني أن الشبكة الاجتماعية تواجه مشكلة تمامًا كفيسبوك. أداة تويتر الإعلانية مكلفة للغاية وغير عملية ولهذا يتجنبها الكثير جدًا من المعلنين، على عكس أدوات إعلانات فيسبوك وGoogle Adwords، وهذا له تأثير على قيمة الشركة.
هنا ينتهي هذا العدد من نشرة علوم الحاسوب من حوسبة، ونلقاكم في العدد المقبل بإذن الله. لا تنسوا مشاركة هذا العدد مع أصدقائكم ومعارفكم.
تصدر نشرة حوسبة في عيد كل مسلمٍ يوم الجمعة كل أسبوع. وأقسام النشرة البريدية تختلف من عددٍ لآخر، على حسب المتاح.