نشرة حوسبة #36: أين ذهبت "بركة" البرمجيات القديمة؟
لدينا حواسيب أقوى من أي وقتٍ مضى إلا أننا ننتج أقل من الماضي.
حياكم الله جميعًا مشتركي نشرة علوم الحاسوب من حوسبة. نأمل أن تجدوا في هذه النشرة سلوةً لما تفتقدونه من نقاشاتٍ متعلقة بمواضيع علوم الحاسوب وكافّة تخصصاتها في الويب العربي.
إليكم محتوى هذا العدد.
نقاش العدد: أين ذهبت "بركة" البرمجيات القديمة؟
من أدرك العصر الذهبي للبرمجيات في سنوات 2006م-2014م (تقريبًا) فلعله يتفق بالفعل أن ذاك العصر كان لا يقارن بهذا العصر من ناحية أداء البرمجيات، وهمّة الناس للتعاون في المجال التقني، وكثرة المشاريع الحاسوبية في مختلف المجالات.
إن كنا سنتحدث مثلًا عن أداء البرمجيات فانظر إلى هذه التغريدة التي تقارن بين نظام ويندوز NT 3.51 القديم ونظام ويندوز 11 الجديد من ناحية سرعة فتح البرامج، وكيف أن ويندوز NT رغم أن عمره نحو 25 سنة الآن إلا أنه كان أسرع في التنقل بين التطبيقات والنوافذ:
https://twitter.com/jmmv/status/1671670996921896960
وهذا فيديو ويندوز 11، حيث يظهر بوضوح فرق السرعة بين الاثنين:
https://twitter.com/jmmv/status/1671671000730316800
صاحب الفيديو نشر مقالة مفصّلة عن الموضوع وتتبعه حتى في أنظمة ماك ولينكس، ويعزو الأمر إلى أن البرمجيات هي من صارت أثقل وأبطء وأسوء في البرمجة على الرغم من أن العتاد قد تحسّن كثيرًا من ناحية السرعة.
بالطبع صارت البرمجيات أكثر قدرة من السابق؛ فيمكنك مثلًا إجراء محادثة صوتية مع عشرات الأشخاص داخل متصفحك أو حتى تشغيل ألعاب وبرامج كاملة عبر تقنيات مثل Webgpu وWebAssembly وغيرها، إلا أن هذا كان له تكلفة باهظة أيضًا على أمورٍ أخرى.
من الجوانب الأخرى التي يبدو أنها أضرت أكثر مما نفعت، هي مواقع التواصل الاجتماعي التي سحبت أوقات معظم الناس وجعلت "التواصل" غاية في ذاتها وليس وسيلة. لم يكن الوضع كذلك مثلًا سنة 2010م حيث كان الناس لا يقضون على الإنترنت أكثر مما يحتاجون. الهواتف الذكية ساهمت في هذا الأمر حيث جعلت هذه التطبيقات متوفرة عند الجميع بنقرة زرّ.
ومما اختلف أيضًا عدد المشاريع التعاونية في مجالات التقنية والحاسوب. سنة 2010م كان هناك عشرات بل مئات المبرمجين العرب الذين يساهمون في مختلف المجالات ويحاولون تطويع التقنية لاحتياجاتهم. معظم هؤلاء اختفوا الآن وصرت تراهم يعملون كموظفين مغمورين في شركات وحده الله عليمٌ بها، أما الجانب التطوعي الذي كان موجودًا في السابق وحب المساهمة ونشر الخير فقد صَغُرَ جدًا.
صارت المجتمعات التقنية أكثر استهلاكية بشكل عام، وحتى الاهتمام بها من طرف الناس العاديين: هذا الهاتف، هذا الحاسوب، هذه اللعبة الجديدة، هذه الساعة الذكية... إلخ، ومن النادر أن ترى منتجين جدد في المجال أو أصحاب فكرٍ مستقلٍ فيه.
كان الإنسان قبل عشر سنوات يجلس على حاسوبه، وعندما يكون لديه هدف محدد من كتابة مقال أو تطوير برنامج أو العمل على مستندٍ ما، فإنه لا يقوم عن الحاسوب إلا وهو منتهٍ منه أو على الأقل لديه خطة يسير عليها. أمّا عصرنا فقد صار فيه الكثير من الأدوات والخدمات للتسويف وعقد الاجتماعات وعمل خطط العمل ونموذج الـAgile والكثير من طبقات البرمجيات والمكتبات والأدوات فوق بعضها البعض إلى درجة أن العمل نفسه لم يعد مهمًا بذاك الشكل.
أدوات الذكاء الاصطناعي هي نوعٌ آخر من التقنيات عالية الأداء التي توفّر علينا الكثير من الوقت وتختصر علينا المجهود. لكن أين هذه الأيادي التي تستعملها لحل المشكلات المعقّدة التي نعاني منها في واقعنا اليوم، أو تلك التي تفتتح مشاريع مفيدة ومهمة عنها، أو على الأقل مجتمعات متخصصة حولها؟ أجزم أن عدد المهتمين بتقنية Flash من أدوبي قبل عشر سنوات كان أكبر من عدد المهتمين بالذكاء الاصطناعي اليوم في بلادنا العربية.
صارت لدينا حواسيب أذكى، وقدرات أعلى، إلا أننا ضعفنا فيما ننتجه من أمورٍ مفيدة عبر هذه الحواسيب.
لا ينحصر الأمر في البرمجيات والحواسيب، بل حتى مواقع الإنترنت نفسها صرت ترى أنها شبيهة جدًا ببعضها البعض وكأنها أبنية معيارية، ولم يعد يُبذل فيها نفس المجهود كما كان في السابق حيث كان كل موقع إنترنت يمتلك شخصية ورسومات خاصّة به (وقد غطّينا هذا الموضوع من قبل في نشرة حوسبة).
من منّا لا يذكر المنتديات وكيف أن كل واحد كان يتميز عن غيره:
اليوم كلها سكربتات جاهزة بنفس التصميم الافتراضي مثل Discourse أوWordPress BB وغيرها...
الأسباب التي أدت لذلك كثيرة، ومنها ما هو خارج عن التقنية أصلًا ومرتبط بالمجتمعات التي نعيش بها... ولسنا بصدد ذكرها ومناقشتها الآن (هذا نتركه للجمهور)، ولكننا فقط ننوه أن عصر البرمجيات اليوم والمساهمة فيه لم يعد كما كان في السابق، وأنه كما أن بعض الأمور قد تحسّنت بصورة كبيرة للأفضل، فإن بعض الأمور قد اتجهت للأسوء.
شاركونا آراءكم عن هذا العدد، أو عن الأعداد السابقة من نشرة حوسبة بشكل عام على تويتر تحت الوسم #نقاشات_نشرة_حوسبة
تعقيبات على العدد السابق
وردت المشاركات التالية على العدد السابق من نشرة حوسبة عن شبكة ثريدز الاجتماعية الجديدة.
https://twitter.com/Noorfayyad0/status/1677637643281092608
تشير نور إلى أن المميزات ليست كل شيء، فحتى رغم أن شبكة Clubhouse الاجتماعية الصوتية قدمت نموذجًا جديدًا للتفاعل إلا أن شعلتها قد خبتت أيضًا ولم تستمر على نفس المنوال كما في السابق، وهو تعليقٌ منطقيّ.
لعل ثريدز يحتاج إذًا أكثر من مجرد المميزات الجديدة، وبعض هذه الأمور موجودة بالفعل عند شركة عملاقة مثل ميتا لديها في جعبتها 3 شبكات تواصل شهيرة (واتساب وأنستغرام وفيسبوك).
أخبار ومواد سريعة
ستجد في هذا القسم بعض الأخبار والمواد السريعة عن مختلف مجالات علوم الحاسوب والتقنية.
أطلقت شركة ميتا الإصدار الثاني من نموذجها اللغوي العملاق LLaMA بتحسيناتٍ على الأداء تجعله أفضل من الإصدار السابق ويقترب من أداء ChatGPT. النموذج الجديد ليس مفتوح المصدر بالمعنى الرسمي لأنه سيطلب منك الدفع للشركة إن كان المنتج الذي تطوّره يمتلك 700 مليون مستخدم فما فوق، لكن عدا عن ذلك، فهو مجاني ويسمح بالاستخدام التجاري ومتوفر الشفرة المصدرية.
تخطى متصفح فيرفكس متصفحَ كروم على اختبار Speedometer، وهو اختبارٌ يقيس أداء متصفحات الويب من ناحية السرعة. يعني هذا التخطّي أن فيرفكس قد يكون أصبح أسرع من كروم في الإصدارات الأخيرة منه. نتائج اختباراتٍ أخرى من مواقع شبيهة تعطي أيضًا نتيجة مشابهة. قد يُنذر هذا بأن فيرفكس سيعود لانتشاره في الشهور أو السنين المقبلة.
صدر الإصدار 115 من قارئ البريد الإلكتروني ثندربيرد، وهو قارئ بريد إلكتروني مجاني ومفتوح المصدر. الإصدار الجديد يأتي بواجهة جديدة والعديد من المميزات الإضافية. مفيد إن كنت تريد قراءة البريد الإلكتروني من حاسوبك مباشرةً ومن أكثر من خدمة بريد بدلًا من فتحها عبر المواقع.
اشترت أحد الشركات قبل فترة خدمة Evernote الشهيرة لأخذ الملاحظات، وتشير المصادر إلى أن جميع الموظفين القدامى قد فُصلوا تقريبًا من أعمالهم، مما يضع مستقبل المنصة تحت التساؤل. إن كنت تستخدم هذه الخدمة فلعلك تنتقل إلى غيرها قبل أن يبادروا هم بإغلاقها.
توفي قبل أيام Kevin David Mitnick، وهو واحد من أشهر المُخترقِين في العالم.
***
هنا ينتهي هذا العدد من نشرة حوسبة، ونلقاكم في العدد المقبل بإذن الله. لا تنسوا مشاركة النشرة مع معارفكم وأصدقائكم ليطّلعوا على المحتوى الرائع الذي نعدّه ❤️
تصدر نشرة حوسبة في عيد كل مسلمٍ يوم الجمعة مرتين في الشهر (مرة كل أسبوعين). وأقسام النشرة البريدية تختلف من عددٍ لآخر، على حسب المتاح.