نشرة حوسبة #35: لسنا بحاجة لشبكة اجتماعية جديدة
شبكة ثريدز الاجتماعية الجديدة من ميتا هي آخر ما قد نفكّر فيه
حياكم الله جميعًا مشتركي نشرة علوم الحاسوب من حوسبة. نأمل أن تجدوا في هذه النشرة سلوةً لما تفتقدونه من نقاشاتٍ متعلقة بمواضيع علوم الحاسوب وكافّة تخصصاتها في الويب العربي.
إليكم محتوى هذا العدد.
نقاش العدد: لسنا بحاجة لشبكة اجتماعية جديدة
أبرز حدث تقني خلال الأسبوع الماضي هو إعلان شركة ميتا المالكة لفيسبوك عن إطلاق شبكة Threads، وهي شبكة اجتماعية شبيهة بتويتر لكن مبنية على منصة انستغرام.
نقول "مبنية على انستغرام" لأن حسابك على انستغرام هو ما ستستعمله لتسجيل الدخول إلى حسابك على ثريدز، كما أنه لا يمكنك حذف حسابك على ثريدز وحده بعدها، بل عليك حذف كامل حسابك على انستغرام إن أردت حذف حسابك على ثريدز. بالإضافة إلى ذلك، فإن متابعيك على انستغرام هم متابعوك أيضًا على هذه الشبكة... مما يعني في الواقع أنها مجرد امتداد نصّي لانستغرام وليست شبكة مستقلة بذاتها.
طبعًا كأي شيء جديد، يتهافت الناس عليه أولًا ثم تخبو شعلته تدريجيًا... ضجّ تويتر بالكثير من الناس الذين يعلنون عن حسابهم على ثريدز، وهي الحسابات التي لا نتوقع أن تستمر بضعة أشهر قبل أن تصبح فارغة ومدينة أشباح، ككل تلك الشبكة الاجتماعية عمومًا.
لا نتوقع للشبكة الاجتماعية الجديدة النجاح لعدة أسباب:
لا يوجد شيء مميز بفكرتها، إنها فقط تقليد للموجود ولكن بملكيّة فيسبوك.
إنها تعتمد على حساب انستغرام، وهو بالطبع ما سيسهّل تسجيل الكثيرين من أصحاب هذا المنصة عليها مباشرة إلا أنه أيضًا يعني أن هذه المنصة ستكون مليئة بأمراض انستغرام أيضًا: أسوأ الناس من يسمون أنفسهم مشاهير وإنفلونسرز، ومن يحبون الاستعراض وتصوير كل شيء في حياتهم وعرضه للناس... هل هذه هي الفئة التي سيخوض الإنسان معها نقاشات مثمرة ومحترمة؟
ميتا لديها شبكة اجتماعية بالفعل وهي فيسبوك. إن كنتَ مستخدمًا لفيسبوك ولديك تاريخ طويل معه ولم تنتقل إلى تويتر، فلماذا قد تنتقل إلى ثريدز؟ لا يوجد سبب لذلك.
ميتا شركة معروفة بانتهاكات الخصوصية وبيع البيانات، وما قصة كامبريدج آناليتكا منّا ببعيدة. يطلب تطبيق ثريدز الجديد الوصول إلى كل شيء في جهازك تقريبًا. غالب المستخدمين لن يشعروا بالأمان من جديد مع منصة من فيسبوك.
هناك نزاع أيديولوجي واضح في منصات التواصل الاجتماعي. إيلون ماسك مثلًا يحارب اليسار والليبرالية الأمريكية، بينما مارك زوكيربيرغ يدعمها جزئيًا (بما في ذلك حريّة شتم الرسول صلى الله عليه وسلم)، بينما تتجه منصات أخرى مثل يوتيوب (ومنتجات جوجل عمومًا) إلى دعمٍ كامل لليسار. ولكن اليسار الأيديولوجي لا يحبون استخدام منتجات ميتا بسبب انتهاكات الخصوصية، وما تسببت به من فوز ترامب في الانتخابات السابقة... المقصود عمومًا أن كثيرًا مما تسمعه بوسائل الإعلام، سواءٌ عن دعم هذه المنصة أو تلك ومميزات هذه المنصة أو تلك، هو متأثرٌ بهذه الأيديولوجيّات وليس في الواقع تقييمًا متجردًا منصفًا لها.
بسبب ما سبق، فإنه من المعروف أن ميتا تحذف الكثير من حسابات ومنشورات المسلمين والعرب في القضايا السياسية والدينية الشائكة، هل حقًا تريد إعطاءهم فرصة جديدة لحذف وإيقاف حسابك؟ وهذا لا ينطبق فقط على المسلمين والعرب على فكرة، بل حتى اليمين والوسط اﻷمريكي يعاني من ذلك على فيسبوك.
إلى اللحظة المنصة متوفرة فقط عبر تطبيقات الهاتف، وليست متوفرة على الويب. هذه ميزة مهمة جدًا لأصحاب المحتوى الحقيقي.
هل يمكن أن ينجح ثريدز؟ من الناحية النظرية ممكن، لكن المشكلة هي أنه تابع لشركة وثقافة منتج مُضادة لما يحتاجه من أجل النجاح. انستغرام منصة استهلاكية بصرية لن تجذب المطورين والناس المهمين وأصحاب القرار والتجارب على تويتر إليها، كما أن ماضيها الأسود في الخصوصية مع فيسبوك لا يساعد، فضلًا عن موقفهم الأيديولوجي... للنجاح عليهم أن يتخذوا موقفًا يتعارض مع هوية شركتهم أصلًا، وهذا مستبعدٌ جدًا.
وهذا الرأي هو الأفضل إلى اللحظة:
يجب على الإنسان أن يحاول التخفف من وسائل التواصل الاجتماعي قدر المستطاع، والتركيز على عمله وفعل ما يريده قبل أن تنتهي مدته في هذه الدنيا. من الفراغ والخواء الروحي أن يسجل المرء في شبكة اجتماعية جديدة فارغة لا يوجد بها شيء بعد فقط بسبب أنها جديدة والناس يتهافتون عليها... هذا يدل على أن هذا الإنسان ليس لديه شيء ليعمله أو رسالة ليوصلها في الواقع، بل فقط يبحث عن استهلاك مستمر لحياته الاجتماعية في العالم الرقمي.
على علّاته ومساوئه، يظل تويتر من وجهة نظرنا أفضل شبكة اجتماعية مستقلة تتسع لجميع الآراء حاليًا. وهو في طريقه للتحسّن مع وسائل الدفع والاشتراك الجديدة التي يطلقها إيلون ماسك وفريقه.
شاركونا آراءكم عن هذا العدد، أو عن الأعداد السابقة من نشرة حوسبة بشكل عام على تويتر تحت الوسم #نقاشات_نشرة_حوسبة
نحن بشر ونتأثر بمشاركتكم للنشرة أو تجاهلكم إياها... كل جهدٍ مبذول في كل عدد من النشرة يعتمد بشكل كبير على التفاعل مع العدد الذي يسبقه.
أخبار ومواد سريعة
ستجد في هذا القسم بعض الأخبار والمواد السريعة عن مختلف مجالات علوم الحاسوب والتقنية.
صوتت الجمعية الوطنية الفرنسية (جزء من البرلمان الفرنسي) على قانونٍ يسمح للسلطات الفرنسية بتفعيل وسائل التنصت والتجسس من صوت وكاميرا وتحديد مواقع على أي جهاز لأي مشتبهٍ به تريده السلطات، متأثرًا بالأحداث الأخيرة في البلاد. هذا يعني أن السلطات قد تتجسس خلسةً على أي شخصٍ ذاهبٍ لفرنسا أو مقيمٍ فيها دون طلب قضائي ودون علمه.
تخطط جوجل عبر منتجها جوجل أدسنس لتوفير ميزة تجريبية، وهي السماح للمستخدمين الذين يستعملون إضافات منع الإعلانات من تصفح عددٍ معين من المقالات (4 مقالات مثلًا) قبل حجبهم ومنعهم من متابعة التصفح. هذه الميزة تجريبية الآن واختيارية، لكن جوجل قد تطلق العنان لها على جميع مواقع الإنترنت التي تستعمل أدسنس، مما سيجعل المستخدم في إشكالية حقيقية إن لم تتوفر طرق للالتفاف حولها.
***
هنا ينتهي هذا العدد من نشرة حوسبة، ونلقاكم في العدد المقبل بإذن الله. لا تنسوا مشاركة النشرة مع معارفكم وأصدقائكم ليطّلعوا على المحتوى الرائع الذي نعدّه ❤️
تصدر نشرة حوسبة في عيد كل مسلمٍ يوم الجمعة مرتين في الشهر (مرة كل أسبوعين). وأقسام النشرة البريدية تختلف من عددٍ لآخر، على حسب المتاح.