نشرة حوسبة #34: لماذا نظارات آبل قد تفتح المجال لنوعٍ جديد من الحوسبة؟
الحوسبة المكانية مجالٌ جديد قد يصبح مهمًا في المستقبل
حياكم الله جميعًا مشتركي نشرة علوم الحاسوب من حوسبة. نأمل أن تجدوا في هذه النشرة سلوةً لما تفتقدونه من نقاشاتٍ متعلقة بمواضيع علوم الحاسوب وكافّة تخصصاتها في الويب العربي.
إليكم محتوى هذا العدد.
نقاش العدد: لماذا نظارات آبل قد تفتح المجال لنوعٍ جديد من الحوسبة؟
أعلنت شركة آبل في مؤتمر السنوي الأخير عن نظارة Apple Vision Pro؛ وهي نظارة بتقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزّز (AR/VR) تتيح الوصول إلى الخدمات الحوسبية في أي مكان فيزيائي يريده المستخدم. تدرج آبل هذا النوع من الأجهزة تحت ما يسمّى بالحوسبة المكانية (Spatial Computing).
تمتلك هذه النظارة أمور ثورية للغاية تجعلنا ندرك أننا أمام نوعٍ جديد من الحوسبة على الأبواب، وهو ما جعلنا نختارها كنقاش العدد، وليست مجرد منتج تقني آخر من هذه الشركة أو تلك.
يمكن للمستخدم عبر النظارة عرض عدة شاشات وهمية أمامه في نفس الوقت، ويكأنك تستخدم شاشات متعددة (Multi-display) إلا أنه لا يمكن لسواك رؤيتها. هذه الميزة لوحدها تجعل للنظارة قيمة كبيرة لأنها تمكنك من العمل في أي مكان حتى لو كنت مسافرًا بالباص أو الطائرة مع عدة شاشات بنفس الوقت، ولكنك لا تحتاج سوى النظارة لا أكثر. هذا يعني أيضًا أنه يمكنك التنقل من مكانٍ إلى آخر في المدينة آخذًا كل عملك معك، وتعني أيضًا تخفيف الأثاث في منزلك لأنك لست بحاجة إلى طاولة لوضع الحاسوب والشاشة عليها مثلًا. أي أن للشاشة تبعات على البيئة المحيطة كذلك.
تمتلك النظارة دعمًا لاستخدام الفأرة ولوحة المفاتيح كذلك إن شئت، أي أن هذه الأجهزة العملية التي تحبها لن تذهب من هنا، بل يمكنك استخدامها للكتابة مثلًا أو الرسم وغير ذلك من المهام.
النظارة نفسها هي كاميرا ثلاثية الأبعاد (3D)، مما يسمح لك بتسجيل الفيديوهات والصور وعرضها بشكل أفضل بكثير من السابق وكأنك تعيش اللحظة مجددًا. تعمل كل عدسة داخل النظارة للعينين بدقة 4K.
النظارة هي في الواقع حاسوب ماك بوك يعمل برقاقة M2 للمعالجة، ورقاقة جديدة تسميها آبل R1 لمعالجة ما يراه المستخدم في الوقت الحقيقي دون تبطيئ (Lag).
تعمل النظارة بنظامها الخاص المسمى visionOS، وتطوير التطبيقات له يكون بلغة سويفت أيضًا عبر بيئة Xcode المعروفة.
تمتلك النظارة دعمًا للاندماج مع أجهزة آبل الأخرى مثل حواسيب الماك بوك، فيمكنك مشاركة الشاشة من حاسوبك العادي إلى النظارة لتراها داخلها، مما يمكنك من العمل على أي شيء حتى لو لم يكن مدعومًا بنظام النظارة visionOS.
للنظارة بعض السلبيات حاليًا كأي تقنية جديدة:
السعر المرتفع، لأن سعرها حاليًا $3500 مما يجعلها بعيدة عن أيدي معظم الناس.
البطارية تكفي فقط ساعتين مما يعني أنه عليك وصل سلك الطاقة أثناء معظم عملك وهذا قد يكون مزعجًا.
من جرّب النظارة إلى اللحظة يقول أنها ثقيلة على رأسه؛ ويكأنك تلبس حاسوبًا.
نظام visionOS الجديد الذي تطوره آبل للنظارة مغلق المصدر، وأيضًا لا يمتلك الكثير من التطبيقات بل يحتاج تطوير تطبيقات مخصصة له من الصفر (تطبيقات ماك مثلًا لا تعمل عليه). ستحتاج امتلاك حاسوبٍ من آبل بالفعل إن أردت مشاركة الشاشة منه بهدف تجاوز هذه العقبة.
سيكون هناك بعض الأسئلة المرتبطة بالخصوصية أثناء استخدام هذه النظارة. تقول آبل أن ما تراه أمامك عبر النظارة لا يتم مشاركته معها أو مع طرف خارجي بل يبقى فقط داخل نظام النظارة، ولكن سيكون هذا تحديًا في المستقبل لإثبات ذلك.
يمكنك مشاهدة الإعلان عن النظارات الجديدة في مؤتمر آبل عبر هذا الفيديو:
نرى حاليًا أن هذه التقنية ثورية للغاية، بل ولعلها تأكل نسبة لا بأس بها من قطاع الحواسيب التقليدية لصالحها في السنوات الـ5 المقبلة وهذا لعدة أسباب:
يفتح هذا النوع من الأجهزة مجالًا جديدًا للتفاعل مع المحتوى الرقمي عبر الحوسبة المكانية دون أن يكون المستخدم مقيدًا بشاشات فيزيائية وحاسوبٍ كبير أمامه، بل يمكنه ببساطة أخذها والعمل من أي مكان. العمل على تحرير المرئيّات مثلًا يصبح أسهل وأكثر سرعة من الحواسيب التقليدية.
العمل متعدد المهام يصبح أكثر بكثير إن كان يمكنك ببساطة إنشاء 6 شاشات وهمية أمامك مثلًا والتحكم بعمقها وبعدها عنك وشدة سطوعها دون الحاجة لأن تكون موجودةً أمامك فيزيائيًا؛ محبوا السفر والتنقل ومن يعملون في أكثر من مكان (المستقلون مثلًا) سيحبون هذه الميزة. بعض المجالات المعينة (المحاسبة، المراقبة، استديوهات الأخبار... إلخ) قد تجد هذه التقنية في غاية الإفادة لها بسبب القدرة على مراقبة ورؤية أكثر من شيء في نفس الوقت.
عملت شركة ميتا المالكة لفيسبوك لسنوات على الاستثمار في قطاع الواقع الافتراضي و"الميتافيرس" وفي النهاية كل ما خرجت به كان صورة سخيفة لمارك زوكيربيرغ أمام برج إيفل. إن نجاح آبل بتسويق هذا المنتج وتعريف العالم بقدراته سيجعل بقية المنافسين - ومنهم ميتا بالطبع - ينتبهون إلى النقاط التي غفلوا عنها والمشاكل التقنية التي لم يحلوها، مما يجعلهم يدخلون المنافسة أيضًا بنظارات شبيهة وبمميزات مختلفة... أي أنه يمكنك توقّع ظهور أكثر من نظارة شبيهة من أكثر من منافس أيضًا في السنوات المقبلة.
هذه النظارة ليست النظارة الأولى من نوعها، مثلًا هناك نظارة Quest Pro من شركة ميتا سعرها 1000$ وهي بالسوق بالفعل، لكن الفرق بين نظارة آبل وتلك النظارات أن نظارة آبل جاءت ببيئة كاملة من المميزات ونظام تشغيل جديد وتطبيقات مختلفة (Ecosystem) مع المنتج، بينما تلك النظارات هي مجرد عدسات رؤية إضافية للواقع الافتراضي والمعزز لا أكثر، ولهذا تجد الناس منبهرين بها أكثر منها؛ لأن هناك تكاملًا في المنتج مع الخدمات والتطبيقات وليست مجرد عدسات رؤية أخرى.
توصياتنا: إذا كنتَ مهتمًا بمنتجات شركة آبل بشكل عام ولديك بعضها وكنت أيضًا متخصصًا في مجال علوم الحاسوب، فننصحك أن تهتم بتطوير التطبيقات لهذه النظارات الجديدة؛ ستكون فرصة من ذهب أن تكون من أوائل من يطورون تطبيقات عربية أو إسلامية مثلًا أو حتى تطبيقات إنتاجية عادية تفيد المستخدمين لهذه النظارات، فالسوق سيكون جديدًا وبالطبع أسعار تطوير التطبيقات ستكون مرتفعة لأن الفئة المستهدفة تصنيفها عالٍ على المؤشر الاستهلاكي بحكم سعر النظارات.
نشرت آبل بعض المستندات التي تشرح فيها كيفية الاستعداد لتطوير التطبيقات لهذه النظارات ويمكنك الاطلاع عليها ودراستها لتجهيز نفسك من الآن إن أردت ذلك. ننصح أيضًا بقراءة النقاشات على مجتمع هاكرنيوز حيث حصل النقاش على 2600 نقطة و+2800 تعليق.
نتوقع أن يتوسع مجال الحوسبة المكانية (Spatial Computing) في المستقبل وأن تخرج المزيد من هذه الأجهزة إلى النور... نوصيكم بمتابعتها والاهتمام بها، والاهتمام بما يرتبطها من مجالات كالذكاء الاصطناعي وغيره؛ هذه هي مجالات علوم الحاسوب الجديدة اليوم وليست المجالات التقليدية كالبرمجة والتصميم وغيرها.
شاركونا آراءكم عن هذا العدد، أو عن الأعداد السابقة من نشرة حوسبة بشكل عام على تويتر تحت الوسم #نقاشات_نشرة_حوسبة
أخبار ومواد سريعة
ستجد في هذا القسم بعض الأخبار والمواد السريعة عن مختلف مجالات علوم الحاسوب والتقنية.
نشرت أحد الشركات العربية نموذجًا لغويًا عملاقًا مفتوح المصدر يدعم اللغة العربية اسمه "نون"، يمتلك 7 مليارات مُعامِل، مما يجعله أكبر نموذج لغوي للغة العربية إلى اللحظة.
أطلقت شركة جوجل مجموعة من المساقات المجانية عن الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI)، ويمكنك الانضمام إليها والحصول على شهادة عند إتمامها. ننصح بها لمن يريد التخصص في المجال.
هذا مقال من Substack يتحدثون فيه عن زيادة عدد الأكاديميين الذين يعملون مجتمعات متخصصة بدراساتهم عليها. ولديهم حقّ في ذلك؛ فوسائل النشر التي توفرها المنصة تسهّل جدًا على الباحث الأكاديمي المنفرد عمله وتجعله قادرًا على الربح منه بسهولة بدلًا من الحاجة إلى الارتباط بأحد الجامعات أو المراكز البحثية وإجباره على نشر أوراق بحثية متعددة حتى ينال ما يستحقه من الصيت والاهتمام.
أدى خطأ بشري في استخدام برنامج Excel بثاني أكبر حزب سياسي في النمسا إلى إعلان الفائز الخطأ بالانتخابات بسبب خطأ الحساب. تراجع الحزب عن النتيجة وأعلن عن الخطأ. مثال على الأمية التقنية وكيف أنها قد تغير مصير البلد أحيانًا.
يزداد بطش الحكومات بالأفراد الذين يستخدمون خدمات التشفير القوية لحماية خصوصياتهم: تتهم فرنسا عددًا من الأفراد الذين كانوا يستخدمون برنامج سينجال للتواصل فيما بينهم بالإضافة لتشفير بياناتهم على القرص الصلب واستخدام البدائل مفتوحة المصدر مثل متجر F-Droid للتطبيقات بأنهم "إرهابيون محتملون" بسبب ذلك.
***
هنا ينتهي هذا العدد من نشرة حوسبة، ونلقاكم في العدد المقبل بإذن الله. لا تنسوا مشاركة النشرة مع معارفكم وأصدقائكم ليطّلعوا على المحتوى الرائع الذي نعدّه ❤️
تصدر نشرة حوسبة في عيد كل مسلمٍ يوم الجمعة مرتين في الشهر (مرة كل أسبوعين). وأقسام النشرة البريدية تختلف من عددٍ لآخر، على حسب المتاح.